السلام عليكم ورحمة الله
.
الحمد لله والصلاةِ والسلامِ على خيرِ خلقِ الله
النبي الأمّي صاحبِ الخُلقِ العظيم ...
شفيعنا وقائدنا إلى يومِ الدين محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وصحبه وسلم أتم التسليم ...
.
في الحديث القدسي
قال الله عز وجل: «حقت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ، وحقت محبتي
للمتناصحين فيّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ،
المتحابون فيّ على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء»
أخرجه أحمد (5/229)، والطبراني في الكبير (20/80)، والحاكم في المستدرك (4/186) وصححه،
وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم: (4321).
.
الدنيا ما كانت يوماً دار هناء وسعادة أبدية ..
وهي تحمل بين أيامها الأحزان والهُموم
نوجه القلوب نحو الله عز وجل بإخلاصٍ وإخبات
ونتفيئُ ظِلال يدٍ حانية تمسح عنا ما أهمنا
نتلمسُ فيها الصداقةُ والأخوةُ
المحبة الخالصة لوجه الله عز وجل ..
الإحسان بالقول والفعل ..
من أُناسٍ ارتقت هاماتهم نحو الجنة ..
وتشبهت أخلاقهم بأعظمِ الأنبياءِ صلواتُ ربي عليه
هؤلاء هم المؤمنين الذي كان الإحسان إلى الخَلقِ مبتغاهم
وكسبِ رضا الرحمن واعتلاء أعلى درجاتِ الجنة هو مبلغ همهم
.
وها هو الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
أعظم من قدم الإحسان إلى أمته جمعاء ..
بأن نشر الرسالة بصبرٍ وهمةٍ عظيمة ؛
وأخرجهم من الظلماتِ الى النور ،
وخبئ لهم شفاعته يوم الدين ..
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه .................. لا يذهب العرف بين الله الناسِ
والله عز وجل لا ينسى من أحسن العمل بل
يُجازي بالإحسانِ إحساناً ومغفرةً ورضواناً ..
ونِعمَ الله عز وجل التي لا تُعد ولا تُحصى
هي إحساناً وتفضلاً على عباده ..
وأنه سبحانه المُحسن الرزاق الذي أحسن إلى جميع خلقه بدون استثناء
فإنه عز وجل يُحب من يحسنُ إلى عبادهِ المؤمنين بشتى أنواع الإحسان ..
بل تعدى الإحسان إلى الحيوان والطير ...
فقد قال صلى الله عليه وسلم : «إن امرأة بغيًّا، رأت ًا في يوم حار يطيف ببئر
قد أدلع لسانه من العطش،
فنزعت له بموقها فغفر لها» [رواه مسلم].
وحديث آخر من هدي النبي صلوات ربي عليه
يدعو إلى الإحسان لكل روح من الحيوان ولا يحقرن من المعروف شيئاً ...
وعن عبد الله بن عمرو أن رجلاً جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فقال: إني أنزع في حوضي حتى إذا ملأته
لأبلي ورد عليّ البعير لغيري فسقيته، فهل في ذلك من أجر؟،
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن في كل ذات كبد أجرا).
رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (956).
.
وأحسنوا إن الله يحب المحسنين (195 سورة البقرة )
.
قال ابن كثير رحمه الله: (ثم عطف بالإحسان وهو أعلى مقامات الطاعة).
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي: (وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان بالمال كما تقدم،
ويدخل فيه الإحسان بالجاه والشفاعات ونحو ذلك.
ويدخل في ذلك الإحسان: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
، وتعليم العلم النافع. ويدخل في ذلك قضاء حوائج الناس من: تفريج كرباتهم،
وإزالة شدائدهم، وعيادة مرضاهم،
وتشييع جنائزهم، وإرشاد ضالهم، وإعانة من يعمل عملاً،
والعمل لمن لا يحسن العمل، ونحو ذلك في الإحسان الذي أمر الله به...).
( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) [الرحمن: 60].
وكيفَ لا يكونُ جزاءُ الإحسانِ إلا إحساناً
وقد وعد الله عز وجل أن يكون الجزاء من جنس العمل
فمن أحسن عملاً أحسن الله جزاءه ،
كما أنهم أحسنوا إلى عباده وقضوا حوائجهم
والإحسان من شيم الأنبياء والصالحين
ولنا في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة
فقد كان يُحسنُ إلى الجميع إلى الموالي والنساء والأطفال
وإلى الجيران وإن كانوا من غير المسلمين هذه الأخلاق العالية التي تعالت
وارتقت نحو القمم فكان قدوة للمؤمنين كافةً بُحسنِ الخلقِ ..
.
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً جاء إلى رسول الله
فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟
وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس،
وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم،
تكشف عن كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا،
ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي
من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني مسجد المدينة- شهرًا،
ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه
؛ قلبه الله يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له
ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام» [حسنه الألباني].،
ويقول ابن القيم عن خُلق الإحسان
" هو لُب الإيمان وروح الإيمان وكمال الإيمان ولو جمعنا فضائل الأعمال
كلها من صلاة وذكر وصيام و.. لدخلت تحت الإحسان فالإحسان يشمل الإسلام كله ".
وكما أن الإحسان مع الخلق، وبالأخص بعباد الله الصالحين يورث حبهم في الله،
بل الإنسان لا يقدم على الإحسان إلا إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان، وممتلئاً بحب عباد الله،
وهذا سبب ذوق طعم الإيمان كما جاء في الحديث:
عَن أَنَسٍ عَن النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ؛
مَنْ كَانَ الله وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لله،
وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» .
صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان
فتجيء الصدقة تفديه من العذاب، وتفكه منه).
وكان أبو وائل رحمه الله يطوف على نساء الحي وعجائزهن كل يوم
، فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن
نبلاء الإسلام وأعلام الأمة شأنهم قضاء الحوائج،
يقول ابن القيم رحمه الله عن ابن تيمية:
( كان شيخ الإسلام يسعى سعيًا شديدًا لقضاء حوائج الناس ).
صور من إحسان الصحابة والتابعين
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعهد الأرامل، يسقي لهن الماء ليلاً،
قال ابن القيم رحمه الله: (فإن الصدقة تفدي من عذاب الله تعالى،
فإن ذنوب العبد وخطاياه تقتضي هلاكه،
فتجيء الصدقة تفديه من العذاب، وتفكه منه).
همسة أخيرة
إليك يا من أُحسن إليك لا تنسى أن تقول ...
وقال صلى الله عليه وسلم: « من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا، أبلغ في الثناء»
[رواه الطبراني].
يقول -عليه الصلاة والسلام-: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس»
[رواه أحمد]
ويقول: «من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه
فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه»
[رواه النسائي].
منقول للفائده نفعنا الله واياكم بما جاء فيه